¤§||( هشام ابن العاص الذي سد الثغور و وطئته الخيول )||§¤
هو هشام بن العاص بن وائل السهمي ، والدته حرملة بنت أبى جهل
وأخوة عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، كان من اوائل المسلمين
الذين شرح الله قلوبهم للاسلام .
¤§||( والده )||§¤
كان العاص بن وائل من كبار سفهاء قريش ، أوصى يوما خباب بن الأرت
رضي الله عنه أن يصنع له أسيافا ولما أخذها لم يسدد عنها ، فذهب إليه
خباب رضي الله عنه يطالبه بدينه فقال له ساخرا :
قل لي يا خباب أليس صاحبك الذي تبعت دينه يزعم أن في الجنة ذهبا
وفضة وثيابا وخدما .
قال : بلى
قال : فانظرني إذا إلى يوم القيامة حتى ارجع إلى تلك الدار فأقضيك حقك
هنالك ، فوالله لا تكونن يا خباب وصاحبك آثر عند الله مني ولا أعظم حظا .
ونزل الوحي بخبر الشقي المغرور الساخر الى رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، قال تعالى :
(( أفرأيت الذي كفر وقال لأوتين مالا وولدا * أطلع الغيب أم اتخذ عند
الرحمن عهدا * كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا * ونرثه ما
يقول ويأتينا فردا ))
¤§||( إسلامه )||§¤
في غفله من والده الذي أسرف في ضلاله أسلم هشام بن العاص رضي الله
عنه ، ثم انطلق إلى الحبشة مع المهاجرين ، ولما علموا أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قد أذن لأصحابه بالهجرة إلى المدينه عاد هشام رضي الله عنه
مع العائدين .
¤§||( تعذيب و فتنة في الدين )||§¤
في مكة التقى هشام رضي الله عنه صاحبيه عمر بن الخطاب و عياش بن أبي
ربيعة رضي الله عنهما وتواعدا على الهجرة الى المدينة ، واتفقوا على اللقاء
صباحا ومن لم يصبح معهم عندها يمضي صاحباه دونه .
ولم يحضر هشام رضي الله عنه ، فأباه كلف من يراقبه فلما أراد الخروج
إلى موعده امسكوا به ، وجاؤوا به إلى والده فسجنه وعذبه ، حتى نطق
بكلمة الكفر مُكرها ، ووصل صاحباه عمر وعياش رضي الله عنها إلى
المدينة بسلام.
وأخذ المسلمون يتحدثون عن المفتونين ، وكان عمر بن الخطاب وبعض
الصحابه رضي الله عنهم يرون أن الله لا يقبل ممن افتتن صرفا ولا عدلا
ولا توبة لأنهم عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم ، وهكذا كان
حال المفتونين ، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أوحى الله
إليه بقوله :
(( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمه الله إن الله
يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من
قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون * واتبعوا أحسن ما أُنزل إليكم من
ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغته وأنتم لا تشعرون ))
فكتبها عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى هشام بن العاص رضي الله عنه
وكان قد حصل من أهله على بعض الحرية ، فلما قرأها لم يفهم المراد منها
فكرر قراءتها ثم نظر إلى السماء وقال :
( اللهم فهمنيها )
فشرح الله صدره أنها نزلت فيه وفي أصحابه ، فامتطى ناقته ، وانطلق إلى
المدينة بعد أن طال شوقه إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وبات ملازما له
في صلاته ومجالسه وجهاده .
وكان إفلاته من قومه بعد غزوة الخندق ، حيث شهد ما تلاها من الغزوات
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
¤§||( شهادة النبي للأخوين )||§¤
بعد إسلام أخيه عمرو بن العاص رضي الله عنهما وهجرته إلى المدينة أقاما
معا ، وأمضيا حياتهما في البطولة والفداء معا ، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم في حقهما :
" ابنا العاص مؤمنان : هشام وعمرو "
وكان كلاهما شجاعا ومقداما لايهاب المنون ، ولا يخشى كثرة العدو ، ويعرف
كيف يناجز خصمه عند إلتقاء السيوف .
¤§||( شجاعة قل نظيرها )||§¤
خرج هشام بن العاص مع أخيه عمرو بن العاص رضي الله عنهما للقاء
الروم في معركة أجنادين ، وعلى الرغم من التفوق الكبير للروم في العدد
والعدة والعتاد ، فقد أبدى المسلمون أروع مشاهد البطولة والإستبسال ومنهم
هشام رضي الله عنه الذي لاحظ ترددا ونكوصا من بعض المسلمين والمعركة
محتدمه ، فقال لهم :
( أنظروا إلي واصنعوا ما أصنع )
فكان يدخل وسط العدو ويقتل منهم ، ويقول :
( يا معشر المسلمين إلي إلي ، أنا هشام بن العاص ، أمن الجنة تفرون ؟ )
فاستجاب له إخوانه فتبعوه وأخذ جنود الروم يفرون أمامهم ، وهم لهم مطاردون
و وصل الروم إلى ثغرة حصينة لهم ، فكان لا يعبرها مسلم إلا قتل .
¤§||( سد الثغور و وطئ الخيول )||§¤
لما انهزمت الروم وتحصنت بالثغرة وجعلت تقتل كل من يعبرها ، تقدم
هشام ابن العاص رضي الله عنه يقاتلهم حتى قتل و وقع علي تلك الثغرة
فسدها.
وحين وصل المسلمون بخيولهم إلى الثغرة وجدوه صريعا فتهيبوا أن يطئوه
بالخيل ، وفي تلك اللحظة وصل عمرو بن العاص رضي الله عنه ، ولما
رأى ترددهم قال لهم :
( أيها الناس ، إن الله استشهده ورفع روحه إليه ، وإنما هو جثة ، أوطؤه الخيل )
ثم تقدمهم عمرو رضي الله عنه وتبعه الناس ، فتقطعت جثه هشام بن العاص
رضي الله عنه إربا إربا .
ولما هزم الروم ورجع الناس ، عاد عمرو رضي الله عنه إلى جثة أخيه فجمع
ما تناثر من لحمه وعظامه في نطع ، ثم واراه الثرى ، فبلغ عمر بن الخطاب
رضي الله عنه فقال :
( رحمه الله نعم العون للإسلام كان )
¤§||( صاحب الفضل )||§¤
كان عمرو بن العاص رضي الله عنه في يطوف بالكعبة يوما ، فراح رجل
من قريش يسال أصحابه :
عمرو افضل أم هشام ؟
فلما فرغ عمرو رضي الله عنه من الطواف أتى يسألهم فقال :
( فيم كنتم تتحدثون ؟ )
قالوا : كنا نسأل هشام أفضل أم عمرو ؟
فقال عمرو رضي الله عنه :
( على الخبير سقطتم ، شهدت أنا وهشام معركة أجنادين فبتنا ليلتها ندعو
الله أن يرزقنا الشهادة ، فلما اصبحنا رُزقها وحُرمتها ، فهل تبينتم صاحب
الفضل ؟