سافر أب إلى بلد بعيد تاركا زوجته وأولاده الثلاثة..
سافر سعياً وراء الرزق وكان أبناؤه يحبونه حبا جما ويكنون له كل الاحترام
أرسل الأب رسالته الأولى إلا أنهم لم يفتحوها ليقرءوا ما بها بل أخذ كل واحد منهم يُقبّل الرسالة ويقول أنها من عند أغلى الأحباب..
وتأملوا الظرف من الخارج ثم وضعوا الرسالة في علبة قطيفة.. وكانوا يخرجونها من حين لآخر لينظفوها من التراب ويعيدونها ثانية.. وهكذا فعلوا مع كل رسالة أرسلها أبوهم
ومضت السنون
وعاد الأب ليجد أسرته لم يبق منهم إلا ابنا واحدا فقط فسأله الأب: أين أمكـ ؟؟
قال الابن : لقد أصابها مرض شديد , ولم يكن معنا مالا لننفق على علاجها فماتت
قال الأب: لماذا؟ ألم تفتحوا الرسالة الأولى لقد أرسلت لكم فيها مبلغا كبيرا من المال
قال الابن: لا.. فسأله أبوه وأين أخوكـ ؟؟
قال الابن: لقد تعرف على بعض رفاق السوء وبعد موت أمي لم يجد من ينصحه ويُقومه فذهب معهم
تعجب الأب وقال: لماذا؟ ألم يقرأ الرسالة التي طلبت منه فيها أن يبتعد عن رفقاء السوء.. وأن يأتي إليّ
رد الابن قائلا: لا.. قال الرجل : لا حول ولا قوة إلا بالله.. وأين أختك؟
قال الابن: لقد تزوجت ذلك الشاب الذي أرسلت تستشيركـ في زواجها منه وهى تعيسة معه أشد تعاسة
فقال الأب ثائرا: ألم تقرأ هي الأخرى الرسالة التي اخبرها فيها بسوء سمعة وسلوكـ هذا الشاب ورفضي لهذا الزواج
قال الابن: لا لقد احتفظنا بتلكـ الرسائل في هذه العلبة القطيفة..
دائما نجملها ونقبلها
ولكنا لم نقرأها
إنتهت القصة
--- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- --- ---
نعم إنتهت القصة ولكن ما أردت أن أقوله لكم
أننا لو تفكرنا في هذه القصة قليلاً لوجدناها تعكس حال حياتنا
ستقولون لي كيف هذا ؟!!
سأقول لكم إخوتي في الله لو تفكرنا في حالنا مع القران والسنة فسنجد أننا نقدسها ونحتفظ بها في المكتبة
إننا عاملنا رسالة الله لنا كما عامل هؤلاء الأبناء رسائل أبيهم
نعم هذا مافعلناه نقدس كتاب الله والسنة ونحتفظ بهما
ولكننا لا نقرأهما وإن قرأناهما لا نطبقهما ولا ننتفع بما فيهما وهما يمثلان منهاج حياتنا
فكيف لنا أن نعيش بسعادة وهناء ورضى ,,,بل كيف لنا أن نتعجب لحالنا وما ألم بنا من ضيق وحيرة وضياع.
إن الحل لدينا ، الدواء عندنا لكننا لانريد ، فياويحنا ...عميت قلوبنا عن الحق وسرنا في طريق الضلال وأتبعنا السبل.
ونسينا ذلكـ اليوم الذي سنلتقي فيه بالرسول الكريم الذي جاهد وضُرب وسَال دمه لأجل أن يوصل لنا هذا الدين.
ياخجلنا ،عندما نلتقيه ،فيقول لنا أولم تقرأو القران ، أولم تقرأو سنتي ،،
ياخجلنا عندما نقول له ،لقد قدسنا القران الكريم والسنة ،كنا نحفظ الكثير من الآيات ونعلم الكثير من الأحاديث .
لكننا لم نستطع أن نطبقها لأنها كانت فوق قدرتنا ، بل إن الدنيا أغرتنا ، فأصبحنا نأخذ من الدين ما نريد .
ونتركـ الباقي ، نأخذ ما نحب ونبرر لأنفسنا أننا ما زلنا نمضي في طريق الحق
،،
ياخجلنا ،، حينما يأتي أناس آخرون وجوههم كالقمر ليلة بدر ،، يشعون نوراً ،، فيراهم صلى الله عليه وسلم
فيبتسم ، بل إنه يفرح بلقاءهم ،،،يالله إنهم لم يقدسوا سنتي وحسب ، بل عاشوا بها
إنهم المؤمنون حقاً ، الذين إذا تليت عليهم آيات الله زادتهم إيماناً
إنهم الفائزون ، إنهم من جاهدوا أنفسهم وشيطانهم ،ولم تغرهم الدنيا ونعيمها الزائل
إنهم فطنوا وتبين لهم الحق فساروا إليه ، ساروا إليه ولقوا الكثير من العقبات والكثير من المحن
لكنهم كانوا يعلمون أن ما عند الله باق ،لذا لم يرجعوا ـ بل ثبتوا على ما هم عليه
ثبتهم الله لأنهم صدقوا الله فصدقهم
يافرحتهم وياخجلنا وياحزننا
ولكـــن .. مازال أمامنا فرصة ، فقيامتنا لم تقم بعد ، فمن مات فقد قامت قيامته ،،ونحن ما زالت لنا أنفاس ومازال قلبنا ينبض
إخوتي في الله ... ربما كانت هذه آخر كلمات سأخطها لكم ... وربما كانت أيضا هي آخر كلمات ستقرأونها
وربما كانت هي آخر لحظات عمرنا
إذاً إخوتي في الله ، لنقبل إلى الله من هذا المكان ومن هذه اللحظة ولنقل جميعاً أننا لن نرضى بأن نحزنكـ يارسول الله
لنجعل أفعالنا تعكس ما نكنه من حب للرسول الكريم ـ لكي يبتسم ويفرح و نفرح نحن أيضاً حينما نلتقيه
إنها ستكون فرحة لا توصف حينما نقول له يارسول الله ـ لقد فعلنا ما أمرتنا به ، لقد عشنا بكتاب الله وبسنتكـ ،
ولاقينا الكثير من العقبات والكثير من الفتن ، لكــن ولأجل هذه اللحظة هان كل شيء في عيننا
....
فجعلني الله وأياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأنار الله لنا بصائرنا وجعلنا هداة مهتدين غير ضالين أو مضلين.
